غرق

وأنهكني البحر يا أمي ..
كم هو مالح هذا البحر
وماذا تصنع كل دموع العالم أمام ملوحة ما تغلغل بي ..
أنهكني البحر يا أمي ..
أنهك اكتافي الصغيرة ..
كم هو ثقيل هذا البحر يا أمي
كثقل هذا العالم المتواطئ ..
تبا لكم ..
كل هذا البحر الواسع العميق لم يستطيع أن يحمل علی كتفيه وزني ووزن طفولتي الجريحة ..
تبا لكم ..

كيروسين

مالذي يبقى منك ها هنا

لا شيء سوى جسدك الميت

كحقائب مرصوفة على مناضد التفتيش

بعدما عبثت بها الايدي المهملة

من يرتبك من بعدي؟

من يحتضن جنونك

ومن يبتلع صمتك الاناني؟

من يحيك سترة الصوف

لخريف نظرتك ووعدي؟

كل شيء داخلي من بعدك يهذي

جسدي الاحمق الذي لم ينفك ان يبتل عرقآ

وعيناي ذات اللون الخشبي

التي تقطر ملحآ وأحلام

فاجعتي أنت

من يثير اعصابك بعدي؟

من يهذي حبآ وجنونآ أمامك؟

ومن يغتال مبادئه لأجلك؟

ومن يكون ملاكك المنتظر

ومن يكون المهدي؟

مالذي يبقى منك ها هنا

سوى حبات شجن ودموع من قمر

سوى الغصات المبتلة بالكيروسين

ما الذي يبقى منك

وكل ما اتسع فيي يومآ ضاق

حتى حقيبة سفري ضاقت بثيابي

حتى ثيابي لها نصيب بالحزن

أصبحت مهترئة من بعدك

من يحيك لك دفئآ من بعدي؟

من يشتم رائحتك ويعلنها عطرآ مفضلآ؟

من يجعل من جسدك رقعة شطرنج؟

ومن يقول لك انا من بعدك لا أجدي؟

خائن أنت كما الوطن

كعهدي بك

كقديس في معبد وثني

مالذي يبقى منك ها هنا

كل شيء يبقى!

كل شيء

من يشرب كأس مرك؟

من يجري معك اثناء هطول المطر؟

ومن يكفر بسماء قلبك

ثم يعود فيتوب؟

قل لي من بعدي

من يكتب عنك؟؟

كتبت في 5/7/2012 الساعة 7:10 مساء

غادة رستم

أمي

لا حنان هنا
سوی حنان أمي
حين تخبئ لي صحنا من الفريز أو من أكلتي المفضلة لحين عودتي إلی المنزل .
حين تعد لي فنجان القهوة صباحاً كي لا اتأخر عن دوامي في المعهد .
لا حنان هنا سوی رغيف الخبز والمربی والزبدة التي قدمتها لي مساءً وعيناي تملؤها الدموع ..
ألم أقل لك يا أمي بأنني مجرد سؤال أبكم?

في كل ثغر شمس

لا تقل لي بعيداً
حيث الشمس تشرق قد أجد ضحكات وابتسامات
بعيداً حيث نحلم بمنزل واصيص ياسمينة وريحانة ورائحة تراب وماء
بجذع شجرة منحوت عليه اسماء عشاق
هناك حيث توجد رائحة خبز في تنور عتيق تتخله طعم يد جدتي
يتخلله طعم سوارها الذي لم تبعه بعد
هناك حيث ضحكة أمي لقولي اشياء سخيفة ولألفاظي غير المهندمة
أحلم بلهفة أمي وهي تجري لأنني سقطت من علی دراجتي وجرحت ركبتي وسقطت قطرات دمي
أحلم بلصقة جروح ..
بدراجة ..
ببيوت مصبوغة برائحة الالوان الزيتية
أحلم بزجاج نافذة أهندم عليها شعري بمشط صغير اضعه في حقيبتي
أحلم بماء اسقي به ريحانتي وياسمينتي التي ذبلت من الظمأ فلا ماء سوى لأروي عطشي ..
بصباح قهوة تشربها أمي بجانب أبي وتتعالی رائحة دخانه كلما مررت قربهما..
لا يوجد هنا سوی بيوت سوداء مصبوغة بالفحم
سوی خبز ذابل معجون بالصدأ وبقمح ممتلئ بالدم
لا يوجد هنا سوی شقائق النعمان البرية
لا ازهار بيضاء سوی كفن اصدقائي وصديقاتي وابن جيراننا
أمي أصبحت ياسمينة أيضاً ..
هنا اشجار متفحمة لا أعرف ثمارها
لا يوجد هنا سوی طعم جوعي
سوی اشتياقي ليدي المبتورة
حنيني لقدمي التي كنت أركل بها كرة قدم متسخة بالطين
ما أجمل الطين والضحكات
لا طين هنا أيضاً..
لا كرة قدم ولا مرمی
المرمی الوحيد منازلنا
والكرة الوحيدة قنبلة !
هنا لا ضربات جزاء ولا ركلات ترجيحية ولا حارس مرمی
هنا يسقط المرمی كله لضربة الجزاء ونجري بحثاً عن مرمی آخر له شباك ، وأحياناً بلا شباك ..
لا يوجد هنا العاب سوی دميتي مقطوعة الرأس .الرأس في جيبة المعطف الصغيرة، والجسد مخيطآ في جسد المعطف من الداخل. أحمل لعبتي في ثيابي فهي ما كل ما استطيع حضنه عند وحدتي.
لا توجد هنا كعوب عالية حمراء اللون تطرق باب الشوارع صباحاً
هنا توجد كعوب جزمات سوداء ملئية بالحقد
ثقيلة من وطأة السلاح الذي تحمله .. من وطأة وزر روحه ووطأة الدم الذي يزين نجمات رتبته العسكرية
كنت أحب النجوم فيما مضی ..
كنت أحب الشمس
لا شمس هنا سوی ابتسامات وليدة ألم
وإنني أبتسم .. 🙂

غادة رستم

أصيص

دفنت حبي الليلة في أصيص ياسمينتي
فهذا الياسمين لي
وهذا الورق لي
وهذا التراب لي
وإنني لأبكيكنت اتساءل لم كانت ياسمنيتني ميتة حين تساقط الثلج في دمشقأعلنت الليلة أن حبي كان الثورات كلها
وأنني أصلي لذاك النبيل الذي دفنته الأقدار في تراب مدينتي
أصلي لجاري ولذاك الوجه الطاهر
لذاك الرهان الصغير الضاحك
ولعينين دامعتين لونهما لون الخشب العتيق
كعتق روحي وقلبيوإنني أتلو سلامآ
علی قوافل الخذلان العطشی
علی قلوب من القطران
علی الظهور العارية الموشومة بسلاسل الحديد
أتلو سلامآ علی كبرياء الرمال
علی من أغتسل بالمطر وفتح ذراعيه
واستقبل الردی
مشيراً
ها هنا قلبي
ها هناأتلو سلامآ علی قلب ملأه حبآ ليس كالبقية
علی قلب التحف الياسمين صيفا
والتحف الثلج شتاءا
سلام وفي كل سطر شظية
وأشير بيدي
ها هنا قلبي
ها هناأتلو سلامآ علی لوعة الأنثی
وكبرياء الأنثی
وصمت الأنثی ووجع الارواح
أتلو سلامآ علی تلك الدموع
وعلی تلك الرجفةوإنني لأبكي
دفنت حبي الليلة في أصيص ياسمينتي
فهذا الياسمين لي
وهذا الورق لي
وهذا التراب لي
وإنني لأبكي

غادة رستم

سيمفونية

أعزف يا صاحب العود..
أعزف …
فالقلب اتعبه الجمود…
اعزف لحنا حزينا
وأضرب أوتار ذلك الجسد المتخشب
أعزف دمعا..
وأتركه يتساقط…
فربما الوعد يعود…
وربما الشمس تعود…

أعزفي يا عازفة الكمان..
أعزفي فهنا يقبع وجدان..
غني مقطوعة
الليلك..
والسنونو…
والحيتان..
أعزفي سيمفونية
العشق
مالك الحزين
وذلك الطائر المحنط
والأقحوان
أعزفي ما أدراك
فقد تعود يوما أضواء الشمعدان

اعزف يا حامل الجيتار
اعزف
وأذب هذا الجليد بالنار
ألعب به لحنا
يثير البراكين..
والمد …
والاعصار..
اعزف مقطوعة
يغيب فيها المسار..
أعزف أغنية
تفشي ما للكون
من ملفات
من أسرار..
فربما بعزفك..
يغير هذا الكوكب
طريقه في المدار…

أعزفي على البيانو
يا عازفة البيانو
أعزفي بأصابعك
على الابيض والاسود
فلن تعود يوما الالوان
ألمسي بأناملك
حبيبك
الذي أحبك
كما لم يحب أنسان..
اعزفي الشرق
اعزفي الغرب
فقد نجد يوما
منزلنا ترفعه جدران…
وخيطان..

اعزفي يا عازفة القيثارة
أعزفي
وأحرقي كل الاوراق
على تراب الصحارى
وكوني كقنبلة في الماء
كحوت علقت فيه صنارة
أعزفي اغنيتك
علی الصم
علی الجدران
علی القنابل وبقايا البنادق
وأزيلي طعم المرارة
فربما تعود للحياة
أضواء المنارة…

اعزف على الناي
يا صاحب الناي
أعزف
فما من أحد سواي
اعزف سيمفونية
حريتي…
إنطلاقتي…
وممشاي ..
أعزف دررا
كي تحملني بعيدا
عن منفاي
أعزف فما من أحد سواي يسمع
اعزف علي أرجع يومآ
إلى كفني
وإلی عينيه
وإلى مثواي…

غادة رستم